– لا يقلل من أهمية الكلام الذي قاله نائب وزير الخارجية السورية الدكتور فيصل المقداد عن عزم الجيش السوري على التصدّي بدفاعاته الجوية للطيران التركي في حال بدء عمل عسكري ضد مدينة عفرين السورية بذريعة مواجهة خطر انفصالي كردي، أن لا يكون قد صدر على الموقف السوري أي ردّ تركي إعلامي، فكان الموقف السوري كافياً ليهرع رئيس الأركان التركي ومدير مخابراته إلى موسكو للقاء وزير الدفاع الروسي ورئيس الأركان وقادة الأسلحة والأجهزة المعنية.
– يعرف الأتراك جيداً معنى ما قاله الدكتور المقداد عن نية التصدي من جهة، وعن استعادة القدرات السورية القتالية مقدراتها من جهة أخرى، وما تضمنه ختاماً من دعوة لأخذ هذا الكلام على الدرجة التي يستحقها من الجدّية، كما يعرف الأتراك أن سورية حتى لو لم تكن قد نسقت كلامها مع موسكو، فإن حجم ما بين تركيا وروسيا لا يسمح أبداً لموسكو بإهمال ما بينها وبين دمشق، فتغطية دور روسيا في العلاقة مع تركيا نابعة من الوجود الروسي في سورية بتغطية تعاون دفاعي مع سورية، ليس من مصلحة موسكو جعله يبدو هزيلاً، وإلا أصيبت كل الحالة المعنوية التي اشتغل الروس على بنائها من بوابة مداخلتهم في سورية.
– التحذير السوري لتركيا يخرج الجدل حول السيادة السورية من دائرة التلاعب السياسي، ويقول للجميع إن سورية ليست مسرحاً للتسويات والمساومات، وإن سورية الواثقة من حلفائها، تعرف ما يدبّر خصومها وأعداؤها وكيف يحاولون إحراج الأصدقاء، ولذلك فهي تبادر لتضرب بيدها على الطاولة وتقول هذه أرض سورية وسماء سورية وسيادة سورية، وكل تخطٍّ لهذه الحقائق سيصطدم بإرادة سورية، فليس مهماً أن يكون في عفرين مَن باع قراره للأميركي طالما هو سوري والأرض سورية، فليس مسموحاً لغير سوري التذرّع بأي حجج ليمنح نفسه حق انتهاك السيادة السورية وتصوير ذلك عملاً قانونياً بداعي المحاسبة على أعمال غير قانونية.
– تفتتح سورية بالتحذير الموجّه للأتراك مرحلة تثبيت معادلات جديدة صارت ضرورية لتثبيت مفهوم الدولة، بعدما تمادى الأتراك في الاستهتار بمفهوم وجود دولة سورية ورفضوا الإصغاء مراراً لكلام حلفاء سورية في موسكو وطهران، بأن على أنقرة أن تدرك بأن وجود قواتها في سورية غير شرعي، طالما أنه لا يحظى برضا الدولة السورية، وأن أستانة لا تعدل في هذه الحقيقة شيئاً. ومع التطورات الأخيرة تصرف الأتراك بعنجهية كما العادة وهم لا يريدون الاعتراف بأن هناك دولة سورية هي المعني الأول والأخير بما يجري فوق ترابها الوطني ويمس سيادتها، فكان الكلام السوري استحقاقاً في مكانه وزمانه.
– سواء ذهبت المعالجات نحو المواجهة أم نحو التسويات، فقد وضعت الدولة السورية النقاط على الحروف، حيث يجب فعل ذلك وتصرّفت كدولة مسؤولة عن سيادتها، ومسؤولة أمام شعبها، ومعنية بأن تقول لحلفائها، بأن هناك أموراً لا يمكن ترتيبها بعد وقوع الضرر، وأنه كان مستحيلاً تحت شعار دقة الظرف ترك الأتراك يتمادون ومن ثم مناقشة باردة لمسائل السيادة، فلو طارت طائرة تركية ودخلت الأجواء السورية لتقصف في عفرين، لكان الأمر أصعب على صورة روسيا وليس على صورة سورية وحدها.